
إبراهيم بوعريب
أين الجدية؟ غياب 161 نائبا عن جلسة التصويت على مشروع قانون المالية،استهتار ولامبالاة بالتوجيهات الملكية .
صادق مجلس النواب مساء يوم الأربعاء، بالأغلبية على مشروع قانون المالية رقم 55.23 برسم السنة المالية 2024، بتأييد 180 نائبا ومعارضة 53 نائبا وامتناع واحد.
وكان المجلس قد صادق بالأغلبية، على الجزء الأول من مشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، كما تم تعديله، وذلك في ختام جلسة عمومية امتدت إلى الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء. كما حظي الجزء الأول من مشروع القانون في وقت سابق بموافقة 175 نائبا، ومعارضة 59، فيما امتنع نائب برلماني واحد عن التصويت.
ولعل الملاحظة الأولى التي تثير الانتباه في موضوع المصادقة على مشروع قانون مالية سنة 2024، هو عدد النواب الحاضرين خلال جلسة التصويت على الصيغة النهائية لهذا المشروع بعد تعديله، بالرغم من أهمية اللحظة والتي تعتبر مفصلية ومصيرية وحاسمة، من أجل اعتماد قانون مالي يستجيب لمتطلبات المرحلة الحساسة التي تمر منها بلادنا، والتي تتسم باحتقان اجتماعي في مواصلة الحكومة الإجهاز على القدرة الشرائية للطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
فإذا كانت هذه الجلسة قد عرفت حضور ما مجموعه 134 نائبا فقط لجلسة التصويت، 180 منهم صوتوا لصالح مشروع قانون المالية بصيغته النهائية، و53 عارضوه فيما امتنع نائب واحد عن التصويت، فإن التساؤل المطروح وبقوة هو، أين باقي النواب أعضاء المجلس؟ ولماذا غابوا عن هذه الجلسة المهمة؟ وأين هي الجدية التي نادى بها الملك محمد السادس بشكل متكرر في خطاباته الأخيرة؟
إن مجلس النواب وكما هو معلوم يضم 395 عضوا يتم انتخابهم عن طريق الاقتراع المباشر من طرف المواطنين، لتمثيل الشعب بقبة البرلمان والتعبير عن صوته والدفاع عن مطالبه، خصوصا في مثل هذه اللحظات، باعتبار أن مشروع قانون المالية هو من يتحكم في مصير البلاد اقتصاديا واجتماعيا لسنة كاملة، وهو خارطة الطريق التي يعتمدها لتنزيل السياسات العمومية في البلاد وفق منظور يتماشى مع التوجيهات الملكية والتي تضع المواطن دائما في صلب الاهتمام وضمن أولى أولوياته، باعتباره الركيزة الأساسية للوطن والهدف الأسمى لجميع المشاريع والأوراش التنموية الكبرى التي يطلقها الملك محمد السادس، ويحرص على مواكبة وتتبع تنزيلها بنفسه.
إن غياب 161 نائبا برلمانيا عن جلسة التصويت على الصيغة النهائية لمشروع قانون المالية رقم 55.23 برسم السنة المالية 2024، بمجلس النواب، الغرفة الأولى بالبرلمان المغربي، بالرغم من الأهمية الكبرى التي يحظى بها هذا المشروع، هو بمثابة استهتار من هؤلاء وعدم تحملهم للمسؤولية الملقاة على عاتقهم، بل هو ضرب عرض الحائط بالتوجيهات الملكية وعدم تحليهم بالجدية اللازمة التي أمر ودعا للتحلي بها في الحياة السياسية والإدارية والقضائية، من خلال خدمة المواطن، وأيضا لجعلها مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل جميع المجالات.
فإذا كان العبث والاستهتار واللامبالاة هي السمات والصفات التي تحكم عددا من نواب الأمة الذين جاءت بهم موجة الثامن من شتنبر 2021، فإن الأمر يستدعي تدخلا عاجلا من رئاسة هذا المجلس والحد من هذا التسيب الذي تعرفه المؤسسة التشريعية التي من المفروض فيها أن تكون قدوة للنخب السياسية أو بالأحرى لنقل للسياسيين الذين وصلوا لهذه القبة بطرق أو بأخرى، حتى لا تصبح هذه المؤسسة المقدسة ملجأ ومكانا يأوي ويجمع ثلة من المنتخبين الذين لا يفقهون شيئا في التشريع ولا في الترافع، بل منهم من لا يعرف حتى القراءة والكتابة، وتدخلات البعض منهم في جلسات بثت على المباشر خير دليل ومثال على ذلك، “مستوى ركيك في القراءة واللغة والتعبير وللأسف”.
ويشار إلى أن مجلس النواب صادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2024، بعدما تم إدخال بعض التعديلات على الصغية الأولى، والتي همت بشكل أساسي الإصلاح التدريجي للضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك وتعريفة الرسوم الجمركية وأسعار الضريبة على القيمة المضافة لتحقيق الحيادية.